jeudi 17 septembre 2015

منظومة التربية والتكوين بين التنظير والتنزيل رقم (2)

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ مبارك شرايطي مفتش في التوجيه التربوي
أن وضع التربية والتكوين في بلادنا بقدر ما يدعو إلى القلق يحيل على سؤال كبير يظل المستقبل مرهون بالإجابة الواضحة والصريحة عنه: من المسؤول عن هذا الوضع؟ فالاشتغال في غياب تشخيص دقيق للأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الفشل يعتبر من قبيل تقليد سلوك النعامة، بل ويحيل على تعميق الخوف من المستقبل، فمن إذن المسؤول؟ ولماذا لا تقرن المسؤولية بالمحاسبة في مجال حيوي يرهن مستقبل أجيال؟ ألم يرغب السيد عمر عزمان في تحويل الخطة الاستراتيجية 2015-2030 إلى قانون رغبة في تيسير هذا الربط.
إن الإصلاحات التي عرفتها منظومة التربية والتكوين يمكن توزيعها بين جيلين رغم تعدد التدخلات:
ü إصلاحات مرتكزة على المبادئ الأربعة: التعريب، والتعميم، والتوحيد، والمغربة من بداية الاستقلال إلى نهاية الألفية الثانية
ü إصلاحات اتخذت الميثاق الوطني للتربية والتكوين مرجعا لها وانطلقت مع بداية الألفية الثالثة وتميزت بخاصيتين اثنتين:
تجاوز المبادئ الأربعة والتي ظلت عصية على الاختراق لمدة تزيد عن خمسين سنة، وخاصة مبدأ توحيد المناهج والبرامج التربوية على صعيد المغرب.
أضف إلى ذلك الالتفاف الوطني حوله في شكل إجماع لم تحظ به الإصلاحات السابقة، حيث خضع كما تخضع كل القوانين التنظيمية (مجلس حكومي، مجلس وزاري، مصادقة البرلمان بغرفتيه).
الالتجاء إلى برنامج لدعمه سمي "البرنامج الاستعجالي 2009-2012" واعتبر "نفسا جديدا للإصلاح" ارتكز على 21 مشروعا موزعة على أربعة أقطاب استجابة لتقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الصادر في 2008 والذي كشف عددا من مكامن الخلل في تنزيل الميثاق خلال مساحة زمنية من ثمان سنوات حكمت على ما تبقى من "عشريته".
والحقيقة أن جهودا كثيرة بذلت وتضحيات عديدة قدمتها الدولة من أجل إنجاح الإصلاح ولكنه فشل، فمن المسؤول عن هذا الفشل؟
من السهل أن نحمل المسؤولية للمناهج والبرامج، وأن نكيل الاتهام للظروف والإمكانيات المتوفرة، وأن نقول إن الأسر تقاعست في القيام بأدوارها، وأن ندعي أن الطفل المغربي تأخر مستوى ذكائه...، غير أن الملفت للانتباه هو عدم توجيه الاتهام للعنصر البشري كرافعة أساسية للإصلاح فشلت في القيام بأدوارها أو أصمت أذانها عن سماع الحقيقة في نصف الطريق. وأنهت أدوارها بانتهاء تحملها للمسؤولية، تاركة الحبل على الغارب لمن سيأتي بعدها.
إن أي إصلاح ينبني على قدرات وكفاءة فريق عمل متعدد المهارات، منسجم يشتغل وفق أهداف محددة وواضحة، تتوزع أدواره بشكل دقيق طبقا لاحتياجات المشروع. فهل اشتغل المسؤولون المتعاقبون عن الوزارة الوصية وفق هذه الشروط؟ ولن نخوض في التفاصيل ولكن نكتفي بما يلي:
هل كانت المناهج والكتب المدرسية منسجمة مع ما خططه الميثاق؟
تعتبر المناهج والبرامج التعليمية حجر الزاوية في إنجاح الإصلاح حيث أنها الترجمة الحقيقية لمرامي المشروع وأهدافه، فهل تحظى هذه المحطة بالعناية اللازمة؟.
إن إنتاج البرامج توكله الوزارة لمديرية المناهج، وهي المسؤولة الأولى عن الدروس التي يتعلمها أبناؤنا في فصول الدراسة، فكيف يتم ذلك؟
تتحدث المادة 107 من الميثاق الوطني الواردة تحت الدعامة السابعة: "تقوم سلطات التربية والتكوين بتنظيم عملية مراجعة البرامج والمناهج بتنسيق وتشاور مع الشركاء التربويين والاقتصاديين والاجتماعيين" ودعت نفس المادة إلى النظر في الأجهزة القائمة وقتذاك من حيث تفعيلها وإصلاحها لإحداث لجنة دائمة للتجديد والملاءمة للبرامج والمناهج تشتغل في إطار من الاستقلالية المعنوية...غير أن التنزيل أوكل لمديرية المناهج والتي تعاني من نقص كبير في مواردها البشرية حيث تعتمد على فرق عمل تتكون عادة من مفتشين يكلفون بإنتاج البرامج الضرورية طبقا لدفاتر تحملات، إلا أن إكراه الزمن والمكان (عادة ما تكون الفترة قصيرة وكل الأشغال مركزة في الرباط) فتتاح فرص للبعض دون البعض الأخر وتبقى الكفاءة مغيبة فيكون المنتوج أقل من المنتظر وحتما ستكون النتائج كذاك.
وإلا أين هي اللجنة الدائمة وما مواقفها من الانتقادات التي وجهت للكتب المدرسية، وما جوابها عن الهوة التعلمية الفاصلة بين حجم التعلمات المفترضة في تلميذ السنة الأولى ابتدائي الذي لم يستفد من التعليم الأولي ومحتوى الكتاب المدرسي المنتج لهذا المستوى !
أليست هناك مسؤولية بشرية تقصيرية؟! إن لجان المصادقة على البرامج يتحكم ضغط الوقت في اختياراتها وقراراتها أضف إلى ذلك تدخل الناشرين، ألم تبشر الوزارة الوصية باللجوء إلى تدابير استعجالية ستمس من تحيين للمناهج على مستوى السنوات الأربع الأولى من الابتدائي انطلاقا من الدخول المدرسي 2015-2016 فهل تم الاضلاع على هذه المناهج؟ إن الاستشارة التي فتحت في وجه أساتذة التعليم الابتدائي تحت تأطير المفتشين لم تأت إلا في شهر يونيو واضطرت إلى اقتلاع الأساتذة المستهدفين من قاعات حراسة الامتحانات أو لقاءات الاستعداد لها، وطبع الاستعجال هذه العملية رغم أهميتها، وكأن الوزارة تغط في سبات لا تقطعه إلا حالات الاستعجال. وتلك ميزة تتقاسمها كل الإصلاحات، وهو مؤشر جديد على التزام المسؤولين بنفس نهج الاستعجال واعتماد السرعة النهائية وترك فاتورة الفشل لأبنائنا. أليس هذا سير على نهج السنوات السابقة؟
مع مطلع الألفية الثالثة أبان العالم جميعه عن استعداد لاستقبال ألفية جديدة أكدت كل التوقعات أنها حبلى بالتطورات ذات الطابع السريع، وأبانت كل التحاليل حول الانتظارات أن الارتقاء بالعنصر البشري سيكون الرهان الأول للانتفاع بالتطورات المنتظرة، وأن ليس هنا مدخل لتحقيق ذلك غير منظومة التربية والتكوين، وكان من حسن حظ المغرب انه أطلق مشروعا إصلاحيا ضخما سمي "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" في إطار من التوافق المجتمعي، تزامن ذلك مع حكومة التناوب التي قادها الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي الذي أوكل مهمة تنزيله إلى للسيد الحبيب المالكي وزيره في التعليم الذي أطلق مشروع الإصلاح انطلاقا من سنة 2000 وحددت له عشرية كسقف لإتمامه وقطف نتائجه.
انطلق المشروع بفتح أكبر ورش لتجديد المناهج الدراسية بهدف جعلها أكثر استجابة لانتظارات وحاجيات الفآت المستهدفة، وحملت ميزة أساسية هي التعدد بدل التوحيد في البرامج الذي ظل أحد المبادئ الأربعة في الإصلاحات التي سبقت الميثاق حيث ستضع المنظومة أمام التلاميذ أكثر من كتاب مدرسي لكل مستوى تعليمي تنزيلا للدعامة السابعة من الميثاق. ووعودا كثيرة بالنهوض بأوضاع التعليم.
ولعل عشرية الميثاق وثلاثية البرنامج الاستعجالي ستؤكد ما نذهب أليه من أن العنصر البشري يتحمل النصيب الأوفر في فشل الإصلاح، وأن عدم إقران المسؤولية بالمحاسبة يعلي سقف عدم الاهتمام والاستخفاف بالمهام والمسؤوليات. وهذا ما يجعلنا نومن أشد الإيمان بأن إصلاح منظومة التربية والتكوين خصوصا يجب أن تسمو عن الأهواء السياسية والمنافع الذاتية بل يجب أن توكل إلى اشخاص يعتبرونها قضيتهم غير مرتبطة بزمان وغير جالبة لأية منفعة إلا الانتشاء بالنجاح والخوف الشديد من الفشل.
مع بداية الإصلاح كان لزاما أن تشتغل لجان على توزيع الكتاب المدرسي الذي أصبح متعددا استحابة للتنوع البيئي والثقافي للمغرب نزولا عند تطلعات الميثاق (الدعامة التاسعة)، غير أن المسؤولين أرادوا أن يحولوا هذه المحطة الأولى إلى أول مسمار يدق في نعش الإصلاح، فأجبروا، اعتمادا على تعليمات شفوية، هذه اللجان على تحويل تكافئ الفرص بين التلاميذ إلى تكافئ المصالح بين الناشرين، وتحول التلاميذ إلى رقم توزع عليه الكتب مع حرص شديد على تقليص التفاوت بين الفائزين بصفقات النشر خوفا من إغضابهم. لقد دك المسؤولون بهذا المنظور حق التلميذ في تكافئ الفرص وتجازوه إلى زعزعة حقه في مجانية التعليم نفسه، حيث تم إرهاقه بحمولة محفظة كلما زاد ثقلها زاد إرهاق الأسر بنفقات تعجز في الغالب عن القيام بها وتفكر في التضحية بالتعليم مقابل تحويل الطفل إلى مصدر للمساعدة.
إن تنزيل أي إصلاح تربوي يستلزم القناعة الراسخة به كقضية يحملها المسؤولون والمدبرون، وإلا تحولت كل الجهود إلى زخرفات ونقش على الماء واجتهاد في بديع الكلام بدل بديع الفعل، وهنا لا بد أن نقفو بعض المعالم التي اعتبرت وقتها مؤشرات على انسداد الأفق وبدايات للفشل ونحن نراقب عقارب العشرية تتآكل والجعجعة تأز أسماعنا وربما الطحين يتساقط في بيادر بعض المسؤولين.
دأب السيد وزير التربية والوطنية على ترؤس المجالس الإدارية للأكاديميات لإرساء أدوارها وتجويد أدائها، وظل يردد لازمة لا تفارقه: "التعليم مسؤولية الجميع" وإذا كان اللفظ يحمل إبداعا فإن الفعل يحمل انكسارا. وكأننا نفرق دم التعليم بين القبائل، فإذا كانت المجالس الإدارية تنتهي بالولائم، ومجالس تدبير المؤسسات كألية لإشراك الجميع تعرف عزوفا من طرف أغلبية المنتدبين، والمجتمع المدني والسياسي لا تثيره وضعية المدرسة خاصة وأن السياسي في بلادنا مقتنع بأن المدرسة ليست مدخلا للوصول إلى مناصب المسؤولية. كان حري بالسيد الوزير أن يحدد المسؤوليات لتيسير المحاسبة!
ألم يلجإ السيد الوزير إلى إنقاق ميزانية قادرة على بناء عدد من المدارس على لوحات إشهارية في معظم المدن المغربية تمجد منظومة التربية والتكوين في الوقت الذي كانت فيه حجرات المؤسسات التعليمية تغرق بضعف أعداد التلاميذ نظرا للخصاص الفظيع في العرض، ألم تكدس أقسام العلوم الرياضية بضعف أعدادها في زمن نمني النفس بتحقيق الجودة بل بالوصول إلى عشرة ألاف مهندس، ولا يزال السؤال إلى اليوم قائما: لماذا الإنفاق
عن هذه الإشهاريات في الوقت الذي يعجز العرض على تلبية الطلب؟ هل افتقد اقتصاديو الوزارة قواعد اللجوء إلى الإشهار، هل تعاني المنظومة التربوية من ضغط المنافسة؟ لا شيء من ذلك إنما هي المسؤولية بغير محاسبة.
لست سرديا ولا حكواتيا ولكن انشغالي بموضوع التعليم في بلادنا واهتمامي به كقضية أي مغربي يحلم بيسر نجاح أبنائه ويسر انخراطهم في الحياة النشيطة اعتمادا على قدراتهم ومهاراتهم المكتسبة من المدرسة والجامعة. وحيث أن المنظومة تخضع حاليا إلى مشارط الإصلاح فأن المناسبة شرط، وباب "ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" واجبنا جميعا كغيورين على مستقبل هذا الوطن أن ننخرط ونعبر عن الانشغال العميق بقضية لا تزال تعوق إقلاع بلادنا، ألم يعبر صاحب الجلالة الملك محمد السادس عن امتعاظه من دوامة الإصلاحات في خطاب العرش 2015 ، ألا يحق لنا ـ نحن الآباء ـ أن نقول "اللهم هذا منكر" فلو افتقدنا الجرأة، كل من موقعه، عن تقديم قراءته لما نعانيه حين يرمى أبناؤنا إلى الشارع بشهادة أو بغيرها لعززنا عناصر الفشل ولتحولت الدوامة إلى صخرة سيزيف. ========== 16/09/2015
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ


منظومة التربية والتكوين بين التنظير والتنزيل رقم (2)

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire