mardi 22 mars 2016

الخليفة و الشهيد..37

https://www.youtube.com/watch?v=gJmHGUhv9fc
قيد التعديل
الخليفة و الشهيد..37
لأول مرة.. و بلغة الفراق وجد التوأمان السجن فضاء غريبا مرتسما على وجوه نزلائه قتامة و شحوبا... فتراهم موحدين /مختلفين سواء في أكلهم ..شربهم ..تفاعلاتهم..أو تصنيفاتهم في الغرف و الزنازن ..في باحة الاستراحة و قاعات إعادة التأهيل أو في الملعب كما تظل اختيارات كل منهم لغة مضمرة لتكريس طبيعة الاختلاف التي تتجلى في اختيارات للألعاب التي كانت غالبا ما تمتص سريعا عمرهم في السجن قد يلمس من رحم الفجائية قرارا إداريا يقضي تقليص الحكم من المؤبد إلى المحدد او التمتع بالعفو لمحددي المدة ...
فاغلب السجناء لم يجدوا رغبة في المعرفة حتى يرتادوا المكتبة أو يعتمرون المسجد نظرا لتفشي الجهل و الأمية و ضعف في الوازع الديني لدى السواد الأعظم منهم .. مما يجعل تجمعات هؤلاء النزلاء تقتضي حوارات حول ثقافة الإجرام فيتم تبادل الخبرات المدمرة لروح الإنسان عمق الهياكل البشرية مما معه يصبح الغر بعد ربط علاقات وثقى بأمراء الجريمة- في السرقة.. المخدرات.. التزوير .. أو قطع الطريق العام أمام المواطنين و سلبهم غصبا ممتلكاتهم النقدية و العينية- بطلا في الترهيب داخل منطقته هذا إذا ما أطلق سراحه بانقضاء مدة محكوميته أو بعفو رسمي .. فما يعلمه السجن حقيقة في ثوان لا تستطيع أن تعلمه المدرسة و الجامعات في سنوات و لو كانت هذه المؤسسات لبعضها البعض ظهيرا...
و بالمقارنة كان التوأمان يغفلان عن أشياء حياتية قد تعودا عليها خارج السجن أيام الحرية إذ لم تستيقظ نزواتهما إلا في صوامت صرخات الحرمان التي لولاها لما تجسد لدى المناضل الحلم بالرمزية قهرا لحقوق بيولوجية قد ترعاها الفطرة السليمة توخيا لكل التوازنات ..
كانا لا يجتمعان إلا في فترات قليلة إبان وقت الاستراحة.. الملعب.. غرف الأكل أو قلما في قاعة متعددة التخصصات للتأهيل المهني .. فحينما يلتقيان يتعانقان بحرارة شديدة كأنه عناق العزاء المصادر منه الدمع و النواح ليحاول كل منهما إخفاء تأثره البليغ بتمويه الحديث كذكر أصدقاء جدد قد تعرفا عليهم كل في زنزانته الخاصة ..و لأجل الإحساس بحضور الأخ فقد تم من وحي هذا الحنين العارم أن يشم كل منهما على ظاهر يده رقم زنزانة أخيه :- 1 و 9-.. حيث كلما اختليا إلى نفسيهما اخذ كل منهما تقبيل الرقم بشوق لاذع و غالبا ما يحادث هذا الرقم كأنه يجالس أخاه عن كثب ...
كلما اجتمعا ببعضهما يأخذان في تبادل الكلام كأن يتم توصيف فراشهما لونا سندا..جدة و اهتراء هذا مع الإشارة إلى ذكر اسم الصديق الأقرب إلى كل منهما و الذي يقتسمان معه الحديث فيما يعالجان به السهاد و الأرق.. و لأجل التكيف الصحي السليم و الواقع الذي وجداه بيئة مناسبة إذ توفر لهما السكن المجاني و الغذاء و ما إلى ذلك من عناصر أساسية لكي يبقيا على قيد الحياة ككائنات تتنفس و تتحرك في انتظار ما لا يأتي تعلما كيفية القيام بالصلاة و رفع الآذان كل داخل زنزانته.. فمن أهداهما إلى سواء السبيل ؟؟و كيف تأتى لهذا المصلح الديني إقناع هذين التوأمين بأحقية الصلاة فرضا محكما يجب أن يؤدى كدين مقدس ..
و آية ذلك أنه فيما مضى و لأجل الظفر ببصيص من السعادة المادية كان كل توأم يترأس فريقه داخل الزنزانة لكي يصنعا منها فردوسا عبقا مميزا بالصور الخليعة و الرسوم الكاليغرافية مما يجعلها مميزة بين باقي الزنازن الأخرى تستطيبها النفس للعيش فيها بسلام و هدوء لكنهما في قرارة النفس كان يردد كل منهما على سبيل التوارد الذهني -- ما أصعب الحياة إذا ما علبت في قفص .. و ما أصعب أن يتحلل المرء فداء لأجل لذة المعنى في هذا المطلق كشبح يخترق الأمكنة فيمتح من الحياة هناك معبدا للحرية المقدسة ..
ها قد تغير الوضع بينهما و أصبح التوارد ألخاطري يختصر في جملة قصيرة تعتلج باحساس الترجي :-- هل قام أخي بصلاة الفجر؟؟...لكم أتمنى /.
و يتكرر نفس السؤال الصاعق ذهولا: -- كيف تمت هداية التوأمين إلى طريق الإيمان علما أن زنزانتهما غاصة بمجرمين محترفين قد اسقطوا التوبة و الرجوع إلى الله من باحة تفكيرهم الذي فطر على البراءة / الاصل؟؟؟...
يتبع
http://ift.tt/1Ujl5Us
محمد القصبي
21/3/2016
القصر الكبير
المغرب الأقصى


الخليفة و الشهيد..37

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire