كَانَتْ حَيَوَانَاتُ الْغَابَةِ تَعِيشُ فِي سَلَامٍ وَوِئَامٍ ،تَتَعَاوَنُ فِيمَا بَيْنَهَا ،وَيَحْتَرِمُ الصَّغِيرُ مِنْهَا الْكَبِيرَ، وَيُسَاعِدُ الْقَوِيُّ مِنْهَا الضَّعِيفَ ...غَيْرَ أَنَّ الْأَسَدَ الَّذِي كَانَ يَحْكُمُ تِلْكَ الْغَابَةِ ،كَانَ أَسَداً ظَالِماً وَطَاغِيَةً . يُعَاقِبُ رَعِيَّتَهُ بِشِدَّةٍ وَلِأَتْفَهِ الْأَسْبَابِ .
وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ ،رُزِقَ الْأَسَدُ مَوْلُوداً جَمِيلاً ،فَفَرِحَ بِهِ غَايَةَ الْفَرَحِ ،وَكَمْ كَانَ يَنْتَظِرُ بِفَارِغِ الصَّبْرِ أَنْ يُولَدَ لَهُ مَوْلُودٌ يَكُونُ وَلِيّاً لِلْعَهْدِ .وَقَرَّرَ أَنْ يُسَمِّيهُ "شَبْلُون " .وَأَنْ يَحْتَفِلَ بِهِ احْتِفَالاً كَبِيرًا .
وَاجْتَمَعَتْ كُلُّ حَيَوَانَاتِ الْغَابَةِ فِي يَوْمِ عَقِيقَةِ " شَبْلُون"، وحَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا يَسْتَطِيعُ مِنَ الْهَدَايَا لِيُقَدِّمُوهَا لِلْأَسَدِ فِي هَذَا الْحَفْلِ السَّعِيدِ .
وَكَانَ الْحَفْلُ بَهِيجاً .فَالْعَصَافِيرُ تُغَنِّي بِأَعْذَبِ الْأَلْحَانِ ،وَالْفَرَاشَاتُ تَتَرَاقَصُ فِي كُلِّ مَكَانِ ،وَالطَّوَاوِيسُ تَسْتَعْرِضُ رِيشَهَا الْفَتَّانَ الْبَدِيعَ الْأَلْوَانِ ...
وَكَانَ الْحُضُورُ كَبِيراً جِدّاً !! فَقَدْ حَضَرَتْ كُلُّ حَيَوَانَاتِ الْغَابَةِ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ ،خَشْيَةَ أَنْ يَنَالَهُمْ مِنَ الْأَسَدِ عِقَابٌ .
وَبَيْنَمَا كُلُّ الْحَيَوَانَاتِ تَتَمَايَلُ طَرَباً فِي ذَلِكَ الْحَفْلِ الْبَهِيجِ ، قَامَتْ غَزَالَةٌ أَنِيقَةٌ لِتَرْقُصَ .وَكَانَ رَقْصُهَا جَمِيلاً جِدّاً لِدَرَجَةِ أَنَّ كُلَّ الْحَيَوَانَاتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهَا وَبَدَأَتْ تَسْأَلُ :مَنْ تَكُونُ هَذِهِ الرَّاقِصَةُ الْبَارِعَةُ؟
وَكَانَ الْحِمَارُ جَالِساً قُرْبَ بَعْضِ وُزَرَاءِ الْمَلِكِ ،وَحِينَ رَأَى اهْتِمَامَ الْحَيَوَانَاتِ بِأَمْرِ هَذِهِ الْغَزَالَةِ وَإِعْجَابَهُمْ بِهَا ،قَالَ لَهُمْ بِافْتِخَارٍ :أَلَا تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ تِلْكَ الرَّاقِصَةُ الْبَارِعَةُ ؟إِنَّهَا أُخْتِي .
وَاسْتَمَرَّتِ الْغَزَالَةُ تَرْقُصُ وَتَرْقُصُ ...وَفَجْأَةً دَاسَتْ بِقَدَمِهَا رِجْلَ "شَبْلُونَ" الْغَضَّةِ الطَّرِيَّةِ فَانْكَسَرَتْ ،وَبَكَى شَبْلُونُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ .
وَمِنْ هَوْلِ الْمُفَاجَأَةِ لَمْ تَدْرِ الْغَزَالَةُ كَيْفَ تَتَصَرَّفُ ،فَأَطْلَقَتْ سَاقَيْهَا لِلرِّيحِ وَهَرَبَتْ مُخْتَفِيَةً عَنِ الْأَنْظَارِ .
زَأَرَالْأَسَدُ فِي أَعْوَانِهِ :أَحْضِرُوهَا فِي الْحَالِ كَيْ تَنَالَ عِقَابَهَا
وَتَعَقَّبَهَا بَعْضُ الْفُهُودِ فَلَمْ يَعْثُرُوا لَهَا عَلَى أَثَرٍ ،فَتَذَكَّرُواْ أَنَّ أَخَاهَا الْحِمَارَ كَانَ حَاضِراً مَعَهُمْ فِي الْحَفْلَةِ ،وَأَنَّهُ لَا شَكَّ يَعْرِفُ مَكَانَهَا.فَأَخْبَرُوا الْأَسَدَ بِذَلِكَ .فَقَالَ لَهُمْ:أَحْضِرُوهُ فِي الْحَالِ .
حَضَرَ الْحِمَارُ مُمْتَثِلاً أَمَامَ الْمَلِكِ ،فأَمَرَهُ أَنْ يَدُلَّهُمْ على أُخْتِهِ وَإِلَّا أَلْهَبَ بِالسِّيَاطِ ظَهْرَهُ .فَقَالَ الْحِمَارُ :هَاءْ.. هَاءْ.. إِنَّهَا لَيْسَتْ أُخْتِي.
اِعْتَقَدَ الْأَسَدُ أَنَّ الْحِمَارَ يَكْذِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْمِيَ أُخْتَهُ ،فَزَأَرَ زَأْرَةً انْخَلَعَ لَهَا قَلْبُ الْحِمَارِ وَقَالَ غَاضِباً : أَخْبِرْنِي عَنْ مَكَانِهَا وَإِلَّا ...
لَمْ يَجِدِ الْحِمَارُ جَوَاباً سِوَى أَنْ يَقُولَ :هَاءْ..هَا ءْ..هَاءْ..
وَ حِينَ بَلَغَ الْغَضَبُ مِنَ الْأَسَدِ مَبْلَغَهُ ،أَمَرَ حَرَسَهُ أَنْ يَجْلِدُوا الْحِمَارَ بقُوَّةٍ حَتَّى يَعْتَرِفَ .
وَلَمَّا اشْتَدَّ الْأَلَمُ عَلَى الْحِمَارِ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ :هَا ءْ..هَاءْ.. هَاءْ..
وَمِنْ يَوْمِهَا لَا تَعْرِفُ الْحَمِيرُ لُغَةً سِوَى النَّهِيقِ بِأَعْلَى مَا تَسْتَطِيعُ .
via منتديات دفاتر التربوية بالمغرب http://www.dafatiri.com/vb/showthread.php?t=510952&goto=newpost
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire